العلاج الطبيعي في تونس: بين الحاجة الملحّة إلى الإصلاح وصمود المهنيين
نوافذ
20 فيفري، 2025
عالم الطب
18 زيارة
يعدّ العلاج الطبيعي من الركائز الأساسية في المنظومة الصحية بتونس، حيث يسهم في إعادة تأهيل المرضى وتحسين جودة حياتهم. ومع ذلك، يواجه هذا القطاع جملة من التحديات التي تعيق تطوره، بدءًا من التسعيرة المجمدة، مرورًا بضعف الإطار القانوني، وصولًا إلى انتشار الممارسات العشوائية. ورغم هذه العوائق، يواصل المهنيون في المجال تقديم خدماتهم وسط مطالب متزايدة بإصلاحات جذرية.
عقبات مالية تثقل كاهل الأخصائيين
من أبرز التحديات التي تواجه أخصائيي العلاج الطبيعي في تونس، بقاء تسعيرة الجلسات ثابتة عند 11.5 دينارًا منذ 2007، رغم التضخم وارتفاع تكاليف التشغيل والمعدات الطبية. هذا الجمود المالي أجبر بعض المهنيين على البحث عن حلول بديلة، مثل تقديم جلسات علاجية مدمجة أو الانتقال للعمل بالخارج.
يقول سليم العيادي، صاحب مركز علاج طبيعي في صفاقس: “في ظل ارتفاع المصاريف، أصبح من الصعب الاستمرار بهذه التسعيرة القديمة. العديد من زملائي اضطروا إلى مغادرة البلاد بحثًا عن فرص أفضل”.
غياب إطار تنظيمي واضح
إلى جانب التحديات المالية، يعاني القطاع من غياب تشريعات واضحة تحمي المهنيين وتنظم المهنة بشكل صارم. وفي ظل هذا الفراغ القانوني، انتشرت العيادات العشوائية التي يديرها أشخاص غير مؤهلين، ما يعرض صحة المرضى للخطر ويخلق منافسة غير عادلة.
الخبير القانوني نبيل قاسمي يرى أن “غياب إطار قانوني صارم يفتح الباب أمام الفوضى. تنظيم القطاع عبر هيئة وطنية مستقلة سيكون خطوة أساسية نحو إصلاح شامل”.
فرص للنهوض بالقطاع رغم الأزمات
رغم هذه الإشكاليات، لا يزال هناك مجال لتحسين الوضع، خاصة مع تزايد الاهتمام بالعلاج الطبيعي وتطور أساليبه عالميًا. يمكن لتونس الاستفادة من التجارب الدولية الناجحة، مثل النماذج الأوروبية التي تضمن حقوق الأخصائيين وتوفر لهم بيئة عمل أكثر استقرارًا.
كما أن الاستثمار في التكنولوجيا الحديثة، مثل العلاج الطبيعي عن بُعد وبرامج إعادة التأهيل الرقمية، قد يشكل فرصة مهمة للنهوض بالمجال وتحسين جودة الخدمات المقدمة.
بين الترقب والإصلاح: أي مستقبل للمهنة؟
يبقى السؤال المطروح: هل ستتحرك السلطات لإجراء إصلاحات حقيقية تعيد الاعتبار لهذا القطاع؟ أم أن أخصائيي العلاج الطبيعي سيواصلون الصمود في مواجهة الأزمات دون حلول ملموسة؟ الأيام القادمة ستكون كفيلة بالإجابة.