أيام قرطاج المسرحية 2024: ملحمة الإبداع والتنوع الثقافي
نوافذ
4 ديسمبر، 2024
وطني
10 زيارة
تونس، التي لطالما كانت منارة للفن الرابع، أبهرت العالم مرة أخرى من خلال الدورة الخامسة والعشرين لأيام قرطاج المسرحية، التي امتدت من 23 إلى 30 نوفمبر 2024. هذا الحدث الاستثنائي لم يكن مجرد مهرجان، بل كان لوحة مسرحية زاخرة بالألوان، تتداخل فيها الإبداعات المحلية مع العالمية، حاملةً رسائل إنسانية عميقة وداعيةً إلى حوار ثقافي متعدد الأبعاد.
افتتاح يُجسد السحر المسرحي:
في قلب العاصمة، بالمسرح البلدي، انطلق المهرجان بحفل متقن قدمته الممثلة التونسية المتميزة سوسن معالج. بين الإضاءة التي تسرد تاريخًا ممتدًا وعروض الافتتاح التي نقلت الجمهور إلى عوالم من الإبداع، بدا الافتتاح وكأنه وعد بأن هذه الدورة ستكون خارجة عن المألوف. مدير الدورة، منير العرقي، أكد من خلال كلمته أن المسرح ليس فقط فنًا ولكنه مقاومة وأداة تغيير.
برنامج يلتقي فيه العالم:
بتنوع مذهل، جمعت الدورة 125 عرضًا مسرحيًا من 32 دولة. من مسرحيات تونسية تحمل بصمات محلية مثل “بخارة”، إلى عروض عالمية من فنزويلا والبرازيل، مرورًا بأعمال عربية وإفريقية تتناول قضايا الهوية والنضال، استطاع المهرجان أن يخلق توازنًا رائعًا بين الأصالة والحداثة.
“مسرح الحرية”، الذي جمع 12 عرضًا من إنتاج السجون، كان من أبرز المحطات، حيث تجلت فيه قدرة المسرح على الإلهام وإعادة تأهيل النفوس. هذه الأعمال، التي أنتجت داخل جدران السجون، كانت شهادة على أن الفن يمكنه أن يكسر القيود ويعيد صياغة الإنسانية.
اختتام يحتفي بالإبداع:
حفل الاختتام كان بمثابة عرس مسرحي في مسرح الأوبرا بمدينة الثقافة. لحظة الإعلان عن الجوائز حملت مزيجًا من الترقب والفرح، حيث فازت مسرحية “بخارة” بالتانيت الذهبي بفضل نصها العميق وأدائها المبهر. “بيت أبو عبد الله” من العراق و*”لا فكتوريا”* من المغرب حصلا على التانيت الفضي والبرونزي، مؤكدين أن المنافسة كانت على مستوى عالٍ.
كما كرّم المهرجان رموزًا مسرحية تركت بصماتها، مثل دريد لحام، لمين النهدي، ومنجية الطبوبي، مما أضفى على الاختتام بعدًا رمزيًا يكرّس الوفاء للفنانين الذين بنوا جسور الإبداع.
تحليل: رسالة الفن الرابع
الدورة الخامسة والعشرون ليست فقط حدثًا ثقافيًا؛ بل هي شهادة على أن المسرح قادر على مقاومة القبح والظلم، وإعادة تشكيل الوعي الجمعي. عروض المهرجان تناولت قضايا شتى، من النضال الفلسطيني إلى الهوية الإفريقية، ومن الحرية الفردية إلى صراعات الجماعات. هذه البرمجة لم تكن مجرد استعراض، بل دعوة صريحة للحوار والتأمل في العالم الذي نعيش فيه.
في ختامها، أثبتت أيام قرطاج المسرحية مرة أخرى أنها ليست مجرد منصة لعروض مسرحية، بل هي فضاء يُجسد فيه الحلم الإنساني بالتغيير، ويعيد فيه الفن تشكيل الواقع بقوة الجمال والإبداع
تغطية : مي محمدي