الرئيسية / وطني / وطني / المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية مكتب القيروان: “العاملات في القطاع الفلاحي ضحايا الحوادث هي أرواح بشرية وليست مجرد أرقام”

المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية مكتب القيروان: “العاملات في القطاع الفلاحي ضحايا الحوادث هي أرواح بشرية وليست مجرد أرقام”

يتابع المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية مكتب القيروان بانشغال تام منذ صباح يوم الأربعاء 26 جوان وضعية العاملات في القطاع الفلاحي ضحايا حادث انقلاب شاحنة نقل فلاحي بمنطقة دار الجمعية من عمادة العويثة التابعة لمعتمدية السبيخة الذي أسفر عن وفاة طفلة في الخامسة عشر من عمرها كانت تركب في الصندوق الخلفي للشاحنة رفقة عدد من نساء المنطقة كنّ في طريقهن الى العمل بأحد حقول الطماطم وخلف اصابة 14 عاملة بجروح متفاوتة الخطورة احداهن فقدت بصرها على إثر تعرضها لكسور على مستوى الجمجمة.

ولئن مثل الحادث صدمة كبيرة هز الرأي العام والسلطة والاعلام وكشف عن الانتهاكات الصارخة لحقوق العمالة الفلاحية ولحقوق الطفل باعتبار ان الضحية المتوفاة قاصر والاجماع التام على مسألة منع تشغيل القصر في كل التشريعات الدولية والوطنية لحقوق الانسان، الا ان الحادث ليس الأول من نوعه سواء من ناحية ظروف النقل العشوائي وغير اللائق الذي ينجر عنه في كل فاجعة سقوط جرحى ووفيات أو من ناحية تواجد القاصرات في العمل الفلاحي ومشاركتهن بقية العاملات ظروف ومآسي التنقل والعمل.

وقد كشف الحادث الستار عن جملة من الانتهاكات المسكوت عنها وبيّن بالكاشف غياب الدولة في ملف العمالة الفلاحية والقضايا المتعلقة بها التي تتقاطع فيما بينها، كما اثبت تقصير السلطات المعنية في مراقبة وسائل النقل الفلاحي والتصدي لممارسات الوسطاء وفي حماية حقوق العملة والعاملات في القطاع الفلاحي، كغياب رؤية الإصلاح عند الجهات التي منحها القانون عدد 51 لسنة 2019 المؤرخ في 11 جوان 2019 المتعلق بإحداث صنف نقل العملة الفلاحيين الصلاحيات التامة وترك لها سلطة القرار والتنفيذ والرقابة والتخطيط.

ان المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية الذي ما فتئ يحذر من تواصل نزيف الحوادث وطالب في عديد المناسبات بمراجعة المنظومة القانونية الحالية وبإيجاد حل جذري لتمكين العاملات في القطاع الفلاحي من نقل آمن ولائق وفق رؤية تنموية وبمقاربة اجتماعية واقتصادية شاملة وناجعة تضمن لليد العاملة الفلاحية حقوقها وتحفظ كرامتها الانسانية، حذّر أيضا من تشغيل القاصرات في العمل الفلاحي ومن تفاقم الظاهرة وسلط الضوء على القضية في عدة مناسبات مستندا في ذلك الى تقارير رسمية صادرة عن مؤسسات حكومية والى معاينات ميدانية وشهادات حية جمعها في عمله البحثي الميداني. ولذلك يهم المنتدى أن:

يذكر وزارة الاسرة والمرأة والطفولة وكبار السن وكل الوزارات المعنية أن الضحية القاصر التي توفيت في فاجعة السبيخة ليست الأولى وليست الأخيرة اذ أصبح المشهد متكررا بشكل مفزع، فقد جدّ حادث مرور آخر يوم الثلاثاء 02 جويلية تمثّل في انقلاب شاحنة كانت تقل عملة وعاملات في الفلاحة على مستوى الطريق الرابطة بين معتمدتي بوحجلة والقيروان الجنوبية خلف 8 جرحى من ضمنهم 4 قاصرات. كما يذكر الوزارة أن فاجعة السبالة التي اهتز لها المجتمع التونسي في27 أفريل 2019 كان من بين ضحاياها “منال”، “سمر” و”زمردة” وهنّ قاصرات توفين في الحادث واعمارهن بين الأربعة عشر والخمسة عشر سنة، وان “حورية” التي فقدت يدها في الحادث كانت أيضا قاصر، ولم يتوقف النزيف، فالحادث الذي جد في منطقة مغيلة في 05 فيفري 2024 والذي خلف وفاة امرأتان واصابة أكثر من 30 عاملة كان أيضا من بين الجرحى قاصرات احداهن، “مروى رحالي”، أصيبت بجروح على مستوى الرأس وهي تلميذة في السنة الثامنة أساسي خرجت مع والدتها للعمل مستغلة عطلة نصف الثلاثي الثاني لتأمين حاجياتها المدرسية ككل بنات المنطقة.

يشير ان حوالي 215 ألف طفل في تونس يعملون في قطاعات مختلفة وذلك حسب آخر دراسة انجزتها وزارة الشؤون الاجتماعية بالتعاون مع منظمة العمل الدولية والمعهد الوطني للإحصاء، يشتغل 50% منهم في القطاع الفلاحي وتتفاقم النسبة في أيام العطل المدرسية. كما يتعرض 3% من الاطفال البالغة اعمارهم بين 14 و15 سنة لكل اشكال الاستغلال الاقتصادي وذلك حسب ارقام المعهد الوطني للإحصاء واليونيسيف.

وتتلقى وزارة المرأة بشكل دوري عددا هاما من الاشعارات المتعلقة بالاستغلال الاقتصادي للأطفال الذي يعدّ جريمة اتجار بالأشخاص تمنعه كل القوانين والصكوك المتعلقة بحقوق الطفل وطنيا ودوليا. ولاتزال الظاهرة في تصاعد مستمر.

يحذر كل الوزارات المعنية والأطراف المتدخلة في ملف العمالة الفلاحية من تواصل سياسة الترقيع والتجاهل ومن تملص السلطات الجهوية من المسؤوليات الموكولة لها بموجب القانون المنظم لنقل العملة والعاملات في القطاع الفلاحي.

 يؤكد على ضرورة مراجعة التشريعات الجاري بها العمل على غرار قانون النقل الذي ثبت عمليّا عدم قابليته للتطبيق، وفي مقابل تضاعف عدد الحوادث وتصاعد اعداد الوفيات والجرحى اذ سجلنا منذ سنة 2015 ووفقا للمعطيات المتاحة للرصد في المنتدى حصول عدد 79 حادث مرور متعلق بشاحنات النقل الفلاحي أسفر عن وفاة 62 ضحية وخلف عدد 915 جريحة، نسبة 54.4% من مجموع الحوادث جدّت منذ بداية سنة 2020 أي بعد صدور القانون عدد 51 لسنة 2019 توفيت على اثرها 22 عاملة الامر الذي يعزز موقفنا من القانون ويؤكد عدم نجاعته وعدم ملاءمته لخصوصية الفئة ولخصوصية القطاع.

وحيث اعلنت وزارة الاسرة والمرأة والطفولة وكبار السن عن تكليفها مندوب حماية الطفولة بالقيروان بتقديم شكاية جزائية للنيابة العمومية بالمحكمة الابتدائية بالقيروان من اجل شبهة اتجار بالأشخاص واستغلال قاصر اقتصاديا فإننا وان كنا نعتبر ذلك خطوة هامة وضرورية في إطار مكافحة الظاهرة والتصدي لها ونعبر عن ثقتنا في القضاء من حيث تطبيق القانون ومحاسبة الجناة، فأننا لا نريد ان ينحصر التعهّد في هذا الجانب فقط وألا يغلق الملف دون ان تتحمل بقية الأطراف مسؤوليتها.

وعلى هذا الاساس يطالب المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية مكتب القيروان بـــــــــ:

  1. التكفل بوضعيات العاملات اللاتي أصبن في الحادث وتأمين العلاج الكامل والمجاني لهن ومتابعة حالاتهن الصحية والاجتماعية والاقتصادية وادماجهن في احدى اليات الحماية الاجتماعية والصحية وفي برامج الدولة الموجهة للنساء وللعائلات محدودة الدخل.

  2. محاسبة كل من ثبت تورطه في الجريمة وتسليط عقاب رادع عليه.

  3. تنقيح القانون عدد 51 لسنة 2019 المتعلق بإحداث صنف نقل العملة الفلاحيين بما يتلاءم مع خصوصية القطاع الفلاحي والفئات العاملة فيه.

  4. وضع خطة وطنية عاجلة تتلاءم مع خصوصيات كل جهة لتحسين البنية التحتية للطرقات وللمسالك الفلاحية في الجهات الداخلية خاصة المثلث الغربي للبلاد (القيروان، سيدي بوزيد والقصرين) الذي يشهد أكبر نسبة من حوادث الشاحنات المقلة للعاملات في القطاع الفلاحي وحركية كبرى بين ولاياته باعتبار الطابع الفلاحي الغالب عليه والكثافة العددية لليد العاملة فيه.

  5. تفعيل اليات الرقابة والتفقد في الاراضي الفلاحية لرصد ورفع المخالفات المتعلقة بظاهرة تشغيل الاطفال وكذلك تشديد الرقابة على الطرقات والمسالك الفلاحية للحد من ظاهرة النقل العشوائي وغير اللائق ومحاسبة الناقلين والوسطاء.

  6. بعث شركات خاصة بنقل العملة والعاملات في القطاع الفلاحي تكون تحت اشراف وتسيير الدولة توفر وسائل نقل مؤهلة وقادرة على الولوج الى المستغلات الفلاحية والسير في الطرقات والمسالك الوعرة لتامين وصول العاملات والعملة الى الاراضي.

  7. فتح حوار وطني من اجل وضع خطة اصلاح شاملة وجذرية للقطاع الفلاحي تأخذ بعين الاعتبار وضعية الفلاح واليد العاملة في ظل السياق الاجتماعي والاقتصادي والمناخي الوطني والعالمي.

عن نوافذ

شاهد أيضاً

قيس سعيد رئيسا للجمهورية التونسية لفترة 2024_2029

أعلن رئيس الهيئة العليا للانتخابات بتونس السيد فاروق بو عسكر وبعد مصادقة أعضاء الهيئة ،قبل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *