مهرجان قرطاج الدولي 2022: عرض مونودراما “ياقوتة” لليلى طوبال في العيد الوطني للمرأة: انتفاضة ركحية على الخطوط الحمراء التي تقيّد المرأة
نوافذ
17 أوت، 2022
الفنون السبعة
409 زيارة
احتفالا بالعيد الوطني للمرأة التونسية الذي يوافق يوم 13 أوت من كل سنة، وهو تاريخ صدور مجلة الأحوال الشخصية سنة 1956، اختارت الهيئة المديرة للدورة 56 من مهرجان قرطاج الدولي تكريم المرأة التونسية من خلال عرض مونودراما “ياقوتة” للفنانة المسرحية ليلى طوبال.
وتمّ تقديم عرض “ياقوتة” بحضور وزيرة الشؤون الثقافية الدكتورة حياة قطاط القرمازي ووزيرة الأسرة والمرأة والطفولة وكبار السن السيدة آمال بلحاج موسى ووزيرة البيئة السيدة ليلى الشيخاوي، إلى جانب محموعة هامة من النساء الناشطات في المجال الحقوقي ومجال الحرف اليدوية.
وأدّى الحضور تحية العلم بصوت الفنانة إشراق مطر، ليُفسح المجال بعد ذلك للفنانة المسرحية ليلى طوبال التي ثارت ضدّ الخطوط الحمراء المقيدة لحرية المرأة وحقوقها.
فبعد عملها الموندرامي “حورية” (2017)، الذي خصّصته لمناهضة التشدد الديني والتكفير والإرهاب والدفاع عن حرية المرأة ومكتسباتها، يمكن اعتبار “ياقوتة” تتمة لـ “حورية” وما قبلهما “سلوان (2015) بما أن ليلى طوبال خصّصته للحديث عن فئات كثيرة من النساء مازالت حقوقهن مهضومة إلى اليوم ومازلن يتعرضن إلى شتى أنواع العنف إما باسم الأخلاق أو الدين أو السياسة، ولعل أبرزها العنف الجنسي والرمزي والنفسي والجسدي.
تدور أحداث مونودراما “ياقوتة” حول أم أنجبت بنتا خارج الأطر المتبعة في الزواج، فتهجر ابنتها مكرهة على ذلك ثم تحاول اللقاء بها بعد 24 سنة.
وخلال 90 دقيقة من العرض، انتفضت ليلى طوبال على الركح بشدة ضد الممارسات التي يتقيد بها المجتمع لإخراس كل صوت حر للمرأة ولكل ممارسة حرة لحقوقها الاجتماعية والثقافية والسياسية. فكانت الكلمات المنبعثة منها حبلى بالمعاني والرموز، تدعو فيها إلى التمرّد على “الخطوط الحمراء”.
و”الخطوط الحمراء” التي أوردتها ليلى طوبال في مونودراما “ياقوتة” عديدة أبرزها العادات والتقاليد والدين والسياسة وتسلط النزعة الذكورية وغيرها من الأفكار التي تختزل دور المرأة في الجنس والإنجاب والاهتمام بالرجل.
ولئن كانت القضية المحورية لـ “ياقوتة” تدور حول الأمهات العازبات والإنجاب خارج أطر الزواج، فإن ليلى طوبال لم تفوّت في هذا العمل توثيق الأحداث المأساوية التي عرفتها البلاد خاصة خلال العشرية الأخيرة التي تلت الثورة، ومن ضمن هذه الأحداث وفاة متكررة لعاملات في ضيعات فلاحية بسبب انقلاب شاحنات تقلهم إلى العمل وكذلك حوادث اغتصاب وقتل تشغيل فتيات في عمر الزهور معينات منزلية والتحرش بالمرأة في وسائل النقل وفي أماكن العمل وغيرها من الحوادث واستغلالها في العلامات الإشهارية وفي رفع نسبة المشاهدة على القنوات التلفزيونية.
وتميّزت ليلى طوبال بجرأتها المعهودة في استعراض هذه القضايا التي تهدّد حرية المرأة وحقوقها الإنسانية، فعبرت عنها بأسلوب هزلي ساخر تارة وبأسلوب مأساوي طورا لتبرز حجم المعاناة.
وعملت في “ياقوتة” على تكريم ضحايا العنف من النساء، إذ كلما استعرضت حادثة لضحايا العنف إلا أوقدت شمعة وفاء لأرواحهن، ليضاء الركح بالشموع رويدا رويدا مع نهاية العرض، وينقشع الظلام بنور الشموع، ولعله يكون رسالة أمل لانقشاع الظلم المسلط على المرأة.
وعلى ضوء هذه الشموع وما تحمله من آمال في غد أفضل، تُنهي ليلى طوبال عرضها بثورة على الواقع منشدة التغيير والتجديد. كما أعلنت عن اعتزالها الركح نهائيا بعد هذا العرض الأخير على ركح المسرح الروماني بقرطاج.
ولم تفوّت ليلى طوبال تخصيص الثلاثي زينب فرحات ولينا بن مهني والصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة من بتكريم استثنائي، إذ علّقت صورهن في الممرّ الرئيسي المؤدي إلى مدرّجات المسرح. وأحاطت هذه الصور بالشموع والورود.
وتولت وزيرة الشؤون الثقافية الدكتورة حياة قطاط القرمازي تكريم ليلى طوبال إثر العرض.
وتحدّثت طوبال في مقابلة مع الصحفيين عن تفرّغها للكتابة المسرحية بعد اعتزالها الركح. وقالت إن المسيرة مازالت متواصلة في الدفاع عن مكتسبات المرأة وحقوقها وحمايتها من شتى أنواع العنف المسلط عليها.