في تمام العاشرة ليلا ارتفع صوت النشيد الوطني معلنا عن انطلاق السهرة الثالثة من الدورة السادسة والخمسين لمهرجان قرطاج الدولي ليحتل عناصر الأوركستر السمنفوني بقيادة محمد بوسلامة باحة المسرح بزيهم الأسود الموحّد قبل أن يعطي المايسترو بوسلامة شارة انطلاق عرض الكوميديا الموسيقية ” أليس”.
سهرة قرطاجنية استثنائية حضرها عدد كبير من الأطفال الذي كان وجودهم على مدارج المسرح الروماني مبهجا وهم في كامل أناقتهم يملئون المسرح بضحكاتهم وتلقائيتهم .
أكثر من 80 فنانا بين مغنيين وموسيقيين وراقصين وممثلين ولاعبي سرك ، أثثوا مساء الاثنين 18 جويلية عرض المسرحية الموسيقية “أليس” لمخرجها حسام الساحلي تأليف وتلحين أسامة مهيدي.
وبكثير من الحنكة والخبرة جمعت “أليس” في إخراج مشترك حسام الساحلي وأسامة مهيدي كل الفنون على ركح واحد من الموسيقى الأوبيرالية الى العصرية وموسيقى الجاز والأغاني الشعبية وصولا الى البالي والالعاب البهلوانية، ولعل ما زاد في جمالية العرض اعتماد الساحلي في هذه الكوميديا الموسيقية على تقنيات ثلاثية الأبعاد ليكون عرضا فنيا ساحرا من خلال الألوان والأضواء والأزياء السحرية الملونة والديكور المتناسق، تناسق فريد حلّق بجمهور قرطاج الى عوالم خيالية ، عالم أحلام “أليس” .
90 دقيقة سافر خلالها جمهور قرطاج الى عالم السحر والأحلام، ورافق “أليس” في رحلتها صحبة شخصيات خيالية مثل الأرنب وصانع القبعات المجنون والمملكة البيضاء وملكة القلوب والقط والوزير والتوأم وغيرهم من الشخصيات .
ولئن اقتبست الكوميديا الموسيقية “أليس” للثنائي حسام الساحلي وأسامة مهيدي من رواية “أليس في بلاد العجائب” للكاتب البريطاني لويس كارول، فان تقديمها بالعامية التونسية أضاف لها روحا ونكهة لم تخلو من طرافة وتميّز، مع العلم أن القصة الأصلية التي تم ترجمتها الى كل لغات العالم تقريبا، كما تمت طباعتها بطريقة “بريل” ، تعد من أكثر قصص الأطفال غرابة عبر التاريخ، مرّ عليها قرابة 150 عاما، قبل ان تقدم لجمهور قرطاج في سهرة كانت ميزتها المتعة والغرابة والتشويق والإثارة.
وفي اطار مليء بالهزل والسخرية وبكثير من الألوان والاضاءة والحركية فوق خشبة الركح ، روى حسام الساحلي صحبة أسامة مهيدي رحلة “أليس” ومغامرتها منذ سقوطها في جحر عميق ولقاءها بالأرنب وصولا الى دخولها عالم مليء بالغرائب والمواقف والأحداث في «بلاد العجائب»، هي رحلة مشوقة بين الواقع والخيال والفانتازيا، حملت في طياتها حب الوطن وقيم التسامح والصداقة، وقدمت في صورة متكاملة وأداء متناسق ومتناغم ، وهو ما دفع جمهور قرطاج الى عدم مبارحة المسرح الروماني سوى مع انتهاء العرض .
” أليس”، شارك فيها عايدة النياطي وعبد الرحيم القريشي في تأليف الأغاني، ولؤي خولي ومروى ولها في التصميم ثلاثي الأبعاد، وليلى الدجبي في تصميم الأزياء، ومريم الفرشيشي في الكوريجرافيا والرقص ومحمد الدجبي في الكوريجرافيا والسيرك وصبري العتروس في السينوجرافيا .
وبانتهاء العرض كان لفريق “أليس” لقاء مع ممثلي وسائل الاعلام بالمركز الاعلامي، ذكر خلاله حسام الساحلي أن التحضير لهذا العمل دام سنتين مضيفا أن عرض قرطاج يعدّ العرض الثامن منذ انطلاق سلسلة العروض ، كما بيّن أن النية تتجه الى التحوّل بهذا العمل الى المناطق الداخلية بالجمهورية التونسية تشجيعا منهم على اللامركزية الثقافية .
من جهته بيّن أسامة المهيدي أن اعتماد العامية في هذا العمل هو أولا لتقريبه من الجمهور خاصة الأطفال منه، اضافة الى نشر اللهجة التونسية على المستوى العربي .
أما الجهة المنتجة “بدعة ” للانتاج، فذكر ممثلها أن تكلفة عرض “أليس” بلغت ال380 ألف دينار.
ومن عالم الأطفال والسحر والخيال، يجدد جمهور قرطاج مساء الثلاثاء 19 جويلية اللقاء مع سهرة ثنائية تؤثثها كل من مجموعة “أدونيس” بموسيقاها العربية الممزوجة بالموسيقى الالكترونية والايقاعات الغربية، ومجموعة حيدر حمدي
الموسيقية التي تجمع بين الريغي والموسيقى الشرقية.