البشير التركي: عالم فيزياء نووية تونسي استفاد منه العالم وهمّشته بلاده
هاجر عزّوني
12 أفريل، 2021
أخبار المشاهير, علوم وتكنولوجيا
4,618 زيارة
“البشير التركي” هو عالم فيزياء نووية ومهندس تونسي. يعتبر الدكتور والأستاذ بشير التركي من أكبر علماء الذرّة في العالم.
هو البشير بن محمد بن مصطفى بن الحاج علي بن مصطفى التركي العجمي، ولد بمعتمدية هيبون من ولاية المهدية في 21 مارس 1931 وتوفي بها يوم 14 أوت 2009.
درس البشير التركي بالمدرسة الصادقية بتونس العاصمة وأحرز على شهادتها عام 1949 وعلى شهادة الباكالوريا عام 1950. انتقل بعد ذلك إلى فرنسا حيث أحرز على إجازتين في الرياضيات والفيزياء من جامعة تولوز عام 1954 وعلى شهادة مهندس من المدرسة القومية للمهندسين بتولوز عام 1956. تحصّل على الدكتوراه في الفيزياء النووية بجامعة باريس في فرنسا عام 1959.
وقد شغل الدكتور التركي مابين 1956 و1959 منصب المساعد لرئيس المؤسسة الفرنسية للطاقة الذرية الأستاذ “فرانسيس بيران” بمخبره في “كولاج دي فرانس”. كما عمل في المعهد القومي للبحوث النووية في صاكلي بفرنسا وبالمركز الأوروبي للبحوث النووية في جنيف.
رجع الدكتور التركي إلى تونس سنة 1959 ليشارك في تأسيس جامعة تونس وليكون أوّل أستاذ بها، وقد تمّ فصله من التدريس فيها سنة 1960 من طرف الراحل محمود المسعدي الذي شغل آنذاك منصب كاتب الدولة للتربية القومية دون سبب ظاهر. فاتجه إلى النّمسا حيث التحق بالوكالة الدولية للطاقة الذرية بفيينا بالنمسا مابين سنة 1961 و1962. ثم طُلب منه من قبل الرئاسة العودة إلى تونس سنة 1962، ليقوم بتكوين المؤسسة التونسية للطاقة الذرية ومركز تونس قرطاج للبحوث الذرية. حيث أنجز دراسة علمية لانجاز مفاعل بطاقة 75 ميقاواط في قابس وخطط لتنفيذه بالتعاون مع الاتحاد السوفياتي سنتطرّق للتفاصيل فيما بعد.
وفي عام 1963 ترأّس المركز العربي لتطبيق النظائر المشعّة للدول العربية في الدقي بالقاهرة. وساهم في تأسيس مركز “تِرْياسْتَ” للفيزياء النظرية في إيطاليا. وفي عام 1966 عيّن رئيسا لمجلس المحافظين في الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وفي عام 1968 أسندت إليه رئاسة المؤتمر العالمي بمدريد لإصلاح الماء بالطاقة الذرية. وتوّج مساره عام 1969 بانتخابه رئيسا للوكالة الدولية للطاقة الذرية بالنمسا بتقديم من قبل دول عدم الانحياز رغم معارضة الحكومة التونسية. وقد تمّ فصله بتونس من نشاطه العلمي مباشرة بعد رجوعه من مؤتمر الوكالة الدولية للطاقة الذرية في أكتوبر 1969، حينئذ فوجئ بإلغاء مشروع مركز البحوث النووية وبعثرة خبراته في مصالح أخرى مع حرق لملفات المركز ومعداته الالكترونية، وهو ما اعتبره في تعليق له بكتابه ” حرب ابادة للبحث العلمي نشبت بالبلاد ” .
وفي عام 1973 تمّ تعيينه رئيسا مديرا عاما للمؤسسة اللّيبية للطاقة الذرية ومؤسس مركز تاجورة للبحوث النووية.
وقد طُلبت منه كما يشير في كتاب “الجهاد لتحرير البلاد وتشريف العباد” خدمات علمية بحتة من أعلى الهيئات المشرفة على شؤون الطاقة بالباكستان وتحديدا من زميله العالم الباكستاني الدكتور “منير خان” المشرف آنذاك على حظوظ بلده في مجالات الطاقة النووية السلمية .
في عام 1975 أسّس مخبر الفيزياء لكلية الطب بتونس. وفي عام 1976 أسّس مخبريْ الطاقة النّووية والطاقة الشمسية في جامعة عنابة بالجزائر. ولقي الترحيب من قبل الرئيس “بومدين” وساهم في السبعينات إلى جانب ثلة من الخبراء التونسيين في تكوين طلبة جزائريين في كل ميادين الطاقة إلى غاية تأهيلهم نيل درجة الدكتوراه كما الاعتماد على الإمكانات البشرية الجزائرية المستقلة .
في عام 1981 تمّ فصله دون سبب من جامعة تونس إلّا أنّ المحكمة حكمت لفائدته بإرجاعه إلى منصبه. كما شارك في نفس العام في إنشاء الدكتوراه في الطاقة في جامعة قسنطينة بالجزائر.
هو المصمّم للمحطة النووية الروسية في مدينة تشفشينكو التي تطلّ على بحر قزوين وهذه المحطة كان في الأصل إنجازها في مدينة قابس. “تشيفشنكو” فهي منطقة تابعة للاتحاد السوفياتي سابقا تحمل هذا الاسم وتطلّ على بحر قزوين وتحتوي هذه البلدة على مفاعل نووي من تصميم الدكتور مهندس والأستاذ التونسي بشير التركي الذي يعتبر من أكبر علماء الذرّة في العالم. ويتمثّل المشروع في إيصال مياه البحر المتوسّط إلى الجنوب التونسي القاحل بواسطة التّفجير النووي بواسطة مفاعل نووي ينتج الكهرباء ويقوم بتحلية المياه المالحة في آن واحد لأول مرة في العالم على أن يقع تشييده في مدينة قابس في الجنوب وبفضل هذا المشروع يمكن إنقاذ نصف تونس الجنوبي من التصحّر وعلى سبيل المقارنة فهو يعتبر أهم من مشروع السّدّ العالي في مصر حسب قول من عايشوه وخطّط لتنفيذه بالتعاون مع الاتحاد السوفياتي. أمّا لماذا قرّرت شخصيتنا القيام بهذا المشروع في قابس بالذات فلأنها تحتوي على سبخة تمتد من خليج قابس إلى قلب صحراء الجزائر وهي تتطور في اتجاه إغراق كل هذه المنطقة الشاسعة في التصحر، وإرجاع ماء البحر في هذه السبخة يغيّر ذاتها إلى بحر داخلي حيث يتغير مناخ المنطقة من وهج الصحراء إلى رطوبة المناطق المعتدلة. وبدأ التركي بدراسة هذا المشروع منذ كان طالبا في مدرسة هندسة المياه بفرنسا سنة 1953 بُغية القيام بعملية “تحلية” للمياه المالحة للحصول على 150 ألف متر مكعب من المياه العذبة يوميا وتوفير طاقة بواسطة المفاعل النووي بقوة 75 ميجاوات وقد تقدّم بالملف إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية في شهر مارس 1963 قصد مساعدته في إنشاء هذا المشروع السلمي الإنساني لكنه قوبل بالمماطلة. فاتّجه إلى روسيا في جويلية سنة 1963. وقد قابله المسؤلون منهم رئيس مجلس الدوما ومدير الوكالة السوفياتية للطاقة الذرية “إيميليانوف” بالترحاب وبتمويل المشروع برمّته مجانا بغية اكتساب المهندسين السوفيت الخبرة في هذا الميدان. وبسبب العراقيل السياسية ولأسباب مرتبطة بالعمالة لمن لا يريد خيرا للعرب والمسلمين، لم تتم الموافقة على بناء المفاعل في تونس وأجهض المشروع برمّته.
بينما استفادت روسيا من فكرة مشروع العالم البشير التركي وأقامت سنة 1968 نفس المفاعل بقوة مضاعفة في منطقة القوقاز على ضفاف بحر قزوين وتحديدا في بلدة تشفشينكو بقوة 150 ميجاوات وتحلية 300 ألف متر مكعب من مياه البحر يوميا.
نشر البشير التركي العجمي حوالي 100 دراسة علمية جمعت بين العلم والدين من بينها: “آدم” و “لله العلم” و “طاقة الأرض الحرارية” و “الطاقة الخضراء” و “الجهاد لتحرير البلاد وتشريف العباد”. وفي هذا الكتاب الأخير، تحدّث عالم الذرة عن أسرار هامة بخصوص مشاريع نووية تم إجهاضها في تونس. كما ساهم سنة 1960 في تأسيس مجلة “التجديد” التونسية.
في جزء من الكتاب يذكر العالم التونسي والفيزيائي الراحل بأنه تعرض لمحاولات اغتيال عديدة من طرف من وصفهم ب”الصهاينة” , وقد أشار إلى ثلاث محاولات بالخارج منها واحدة بالمغرب سنة 1979، وثانية بفرنسا سنة 1981، وثالثة بالسينيغال سنة 1991 .
أما في “تونس العهد القديم” فقد ذكر بأنه تعرّض إلى محاولات عدة.