رؤوف ماهر يحيي التراث التونسي بألوان الإبداع
نوافذ
2 نوفمبر، 2024
الفنون السبعة
247 زيارة
في ليلة استثنائية من ليالي الفن التونسي، وعلى ألحان أغنيته الشهيرة “انت الحب ساكن في الوريد”، استقبل ابن مدينة مدنين، الفنان التونسي رؤوف ماهر، جمهوره الغفير الذي ملأ مقاعد مسرح الأوبرا بمدينة الثقافة، مساء الجمعة 1 نوفمبر 2024. وسط أجواء من الحماس والشغف، عاش الحاضرون لحظات من الإبداع والبهجة في هذا الحفل المنتظر.
منذ اللحظات الأولى، أشعل رؤوف ماهر الأجواء بأدائه الحماسي وصوته العذب، ليبدأ بترديد أغنيته الشهيرة التي رددها معه الحاضرون بصوت واحد، في مشهد يعكس مدى تأثير أغانيه في قلوب جمهوره ومحبيه. وبفضل حضوره اللافت وتواصله الدافئ، كان رؤوف ماهر قادرًا على كسب قلوب الحاضرين، حيث مزج بين الأغاني التراثية التي تحيي هوية الجنوب التونسي، وأغانيه الحديثة التي تحمل طابعًا خاصًا يمزج بين الأصالة والحداثة.
على مدى ساعتين ، قاد رؤوف ماهر الجمهور في رحلة فنية تجسد تنوع تونس الثقافي، بصوته العذب ونبرته الجنوبية العميقة. ووسط تفاعل قوي من الجمهور الذي ملأ مدارج المسرح، عزف الفنان على أوتار الذاكرة الوطنية بأغانٍ صحراوية فلكلورية تراوحت بين إيقاعات الطبل، الزكرة، الدربوكة، والناي. كان تفاعل الحاضرين مليئًا بالرقص والفرح، مما خلق حالة من الانسجام بين التراث والجمهور، ليكون العرض احتفاءً بأصالة الموسيقى التونسية وجمالها.
على ألحان “حبك إدمان ” و”صنديدة” أضاف رؤوف ماهر طابعًا خاصًا إلى السهرة، حيث تمايل الجمهور ورقص بحماس مع كل نغمة. كانت هذه الأغاني محطات بارزة خلال الحفل، فقد تفاعل معها الحاضرون بشكل كبير، مسترجعين ذكرياتهم معها ومنسجمين مع كلماتها العميقة وإيقاعاتها المتناغمة.
على خشبة المسرح، وقف الفنان التونسي يغني لجمهوره لأول مرة أغنيته “يا ليلي شوقي طال”، بينما العدسة تجوب بحماس بين الوجوه المشرقة والهتافات، ملتقطة نبض الحضور ليصبحوا جزءاً لا يتجزأ من رحلته الموسيقية في الكليب الجديد .
و أضاء ابن مدنين بريق الماضي، مستحضراً روح الفنان الراحل القاسم بوقنة في أداءٍ يتألق بعبق الذكريات، حيث غنى بصوته شذرات من أعمال الراحل منها “على الله” و “صقع الليل” ، وكأنها رسالة وفاء تتناغم مع أصداء الزمن، تحيةً وفاءً لروحٍ ما زالت تعيش بيننا.
و ختم الفنان التونسي الحفل بأغنية عروبية، حيث انطلق بلحن جريء ونغمة متدفقة تلامس الوجدان. ومع كل مقطع من الأغنية، تزايد حماس الجمهور الذي تمايل وغنى معه بصوتٍ واحد، وكأنهم يتقاسمون اللحظة ذاتها. الهتافات والصفير تلاحقت، لتحوّل الأغنية إلى نشيدٍ جماعي نابض بالحياة، مستحضراً قوة التراث وعراقة الروح العروبية بحضور اللمسة الجربية من خلال اللباس الجربي العريق الذي أضفى لمسة أصالة الجنوب على الحفل .
ختامًا، كان حفل الفنان رؤوف ماهر ليس مجرد عرض موسيقي، بل رحلة حيوية عبر الزمان والمكان، احتفالية تعكس جوهر الثقافة التونسية. من أصالة التراث إلى نبض الحاضر، استطاع رؤوف أن يجمع القلوب حول فنٍ يحمل في طياته ذاكرة أمة. مع كل نغمة، أضفى على المسرح سحرًا خاصًا جعل الحضور يشعرون بأنهم جزء من قصة تُروى بالأغاني، وبحضورٍ يتجاوز الحدود، ليظل صدى تلك الليلة يتردد في أذهانهم وقلوبهم.
تغطية : مي محمدي